عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا
ادارةالمنتدى: * شادي شاهر حسين عوض ** آل عوض البشايره * *صميل-الخليل*


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا
ادارةالمنتدى: * شادي شاهر حسين عوض ** آل عوض البشايره * *صميل-الخليل*
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تاريخ فلسطين - الجزء 3

اذهب الى الأسفل

تاريخ فلسطين - الجزء 3 Empty تاريخ فلسطين - الجزء 3

مُساهمة من طرف موسى حسين عوض 2012-03-02, 6:34 am


شعب فلسطين

الجزء 3

وقد عبر الشيخ رائد صلاح أحد قادة الحركة الإسلامية - فيما بعد - في أرض الـ48 عن هذه الأحوال بقوله:" لقد كانت الهوية غائبة، والثقافة الإسلامية أبوابها مسدودة"، وقال إبراهيم عبد الله رئيس مجلس قرية كفر قاسم (فيما بعد) :" منذ عام 49 وحتى عام 67 لم نكن نعلم شيئاً عن أصولنا وحضارتنا، لم نكن نعلم شيئاً عن الإسلام، لقد كان هناك بعض من نسخ القرآن مبعثرة في بعض ما بقي من مساجد قديمة في القرى العربية، لقد غرقنا في ظلمة تامة من الجهل والفساد"[114].

وفي مثل هذه الأوضاع خلت الأجواء للشيوعيين الذين استطاعوا في البداية الانتشار وسط قطاعات المجتمع الفلسطيني، وكذلك للزعامات التقليدية والعشائرية التي كانت تخشى فقدان نفوذها إذا ما عارضت الصهاينة بقوة وفعالية. وعلى الرغم من أن الحزب الشيوعي اعترف بالكيان الصهيوني ودولته ومؤسساته إلا أنه حمل عدداً من الأطروحات التي تخدم مصالح الفلسطينيين في أرض 48، مقارنة بالأحزاب الصهيونية الأخرى، كدعوته للمساواة وإقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع. وتراوحت قوة هذا الحزب في الوسط العربي بين 11% من أصوات الناخبين سنة 1959 و 50% سنة 1977، إلا أنه عاد إلى الضمور في الثمانينيات لتنخفض نسبته سنة 1992 إلى 23%. وحصل اليساريون ضمن "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" على ثلاثة مقاعد في انتخابات الكنيست لسنة 1999. أما القوى التقليدية فقد كانت تنـزل في قوائم مرتبطة بأحزاب صهيونية وخصوصاً حزب العمل وقد بلغت ذروة نفوذها سنة 1955 عندما حصلت على 55% من أصوات الوسط العربي، وفي سنة 1969حصلت على 41%، ثم في 1977 حصلت على 16% لكنها فقدت نفوذها بعد ذلك، ولم تتمكن من اجتياز نسبة الحسم اللازمة للتمثيل في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وهناك قوة يسارية أخرى ظهرت منذ 1981 تدعى "الحركة التقدمية للسلام"، غير أنها تركز على الهوية الفلسطينية وليس الأممية كالشيوعيين وفازت بمقعدين في الكنيست سنة 1984 ومقعد واحد سنة 1988. أما الحزب العربي الديمقراطي الذي تأسس سنة 1988 فهو أول حزب قام على أساس عربي صرف، إذ إن الشيوعيين والحركة التقدمية ضمتا أعضاء يهود، وحصل في انتخابات سنة 1988 على مقعد واحد في الكنيست، ثم سنة 1992 على مقعدين[115].

ومن الجدير بالملاحظة أن نسب الشعبية السابقة في الوسط العربي لا تعبر بالضرورة عن حقيقة نفوذ تلك الأحزاب، إذ إن هناك أعداداً كبيرة من العرب ترفض المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية، ولا تسجل أسماءها في قوائم الناخبين، كما أن هناك أعداداً أخرى ممن يسجلون أسماءهم لا يستخدمون حقهم في الانتخابات.

ومن جهة أخرى، فإن هناك حركات سياسية غير برلمانية (لا تشارك في البرلمان)، مثل حركة أبناء البلد، والحركة الإسلامية. أما حركة أبناء البلد فتعد استمراراً طبيعياً لحركة الأرض التي ظهرت سنة 1959 وحملت ميولاً قومية ناصرية، ثم ما لبثت السلطات الإسرائيلية أن حظرت نشاطها سنة 1965 لأنها ترى أن فلسطين واحدة غير قابلة للتجزئة وأن أي حل عادل يجب أن يتم وفق إرادة الشعب الفلسطيني. وقد ظهرت حركة أبناء البلد سنة 1973، وحققت بعض النجاحات في الانتخابات البلدية، وعدَّت نفسها من روافد الحركة الوطنية الفلسطينية المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية[116].

وقد أخذت بوادر انتشار التيار الإسلامي في مناطق فلسطين الـ 48 إثر حرب 1967، عندما أصبحت كل فلسطين تحت الاحتلال الصهيوني، وأمكن لفلسطينيي الضفة والقطاع من الاتصال بإخوانهم في أرض الـ48، ونشر التيار الإسلامي بينهم وقد كان لأمثال الشيوخ أحمد ياسين، وحامد البيتاوي، ومحمد فؤاد أبو زيد، وأحمد الحاج علي، وسعيد بلال، فضل كبير في ذلك. كما درس الكثير من فلسطينيي الـ48 في كليات وجامعات الضفة والقطاع فضلاً عن أوروبا وأمريكا حيث كان التيار الإسلامي الفلسطيني ينمو ويتزايد، وعادوا إلى مناطقهم لينشروا الدعوة الإسلامية، ويقيموا الهيئات الخيرية والعيادات الطبية وقاعات المطالعة والأندية الرياضية. وتبنى التيار الإسلامي بشكل عام أفكار ومناهج "الإخوان المسلمون"، ودعوا إلى أن الإسلام هو الحل لمشكلات الجماعات والأفراد وطمحوا على المدى البعيد إلى إقامة الدولة الإسلامية على كامل أرض فلسطين. غير أنهم تعاملوا بحذر وواقعية مع الظروف والأحوال السياسية التي يعيشونها وفق إمكاناتهم المتاحة. وكان هؤلاء الشباب قد تحمسوا للعمل الجهادي المسلح ضد العدو الصهيوني فأنشئوا تنظيم "أسرة الجهاد"، سنة 1979 وقاموا بعدد من العمليات لكنهم سرعان ما اكتشف أمرهم سنة 1980 وقبض على زعيمهم عبد الله نمر درويش، وعلى القائد العسكري للتنظيم فريد أبو مخ، وعلى باقي أفراده وحكموا بالسجن مدداً مختلفة.

وفي الثمانينيات انتشرت الحركة الإسلامية بشكل واسع في قطاعات المجتمع ونجحت في تقديم خدمات اجتماعية واسعة لفسطينيي 48، وكسب أفرادها سمعة كبيرة، وشاركت الحركة الإسلامية في انتخابات البلدية، وكان أول مجلس سيطروا عليه هو مجلس "كفر برا" سنة 1984، وحققوا نجاحاً واسعاً سنة 1989 ففازوا في بلديات أم الفحم وكفر قاسم وكفر برا وجلجولية وراهط. وكسبت الحركة الإسلامية 42 مقعداً من أصل 146 تم التنافس عليها أي 28.6% من المقاعد[117]. وفي انتخابات 1994 فازت بالبلديات نفسها عدا راهط.كما فازت ببلديات كفر قرع وكابول وكفر كنا، وحصلت على العديد من المقاعد في الناصرة وفراديس والطيبة وعكا واللد وتل السبع و غيرها.

وقدرت بعض الدراسات شعبية الحركة الإسلامية في أوساط فلسطينيي الـ48 بنحو 30%، وتكاد هذه النسبة تصل إلى نحو 40% مع نهاية التسعينيات، وأصبحت القوة الأكثر شعبية وسط فلسطينيي 1948. وظلت الحركة ترفض المشاركة في انتخابات البرلمان "الإسرائيلي" حتى لا تعطي الشرعية للكيان الصهيوني، وإن كانت لم تمانع من قيام الأفراد بانتخاب أشخاص أكثر كفاءة وأهلية لخدمة المناطق العربية. غير أن النقاش الطويل في الموضوع بين كوادر الحركة أفرز خطين متعارضين أحدهما يمثل الأغلبية ويرفض المشاركة في الانتخابات، ويرأسه الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال الخطيب، وآخر يرى تحقيق مصلحة من خلال المشاركة ورأسه الشيخ عبد الله نمر درويش. وقد تحالف الشيخ درويش مع الحزب العربي الديمقراطي في انتخابات 1996 وفاز بأربعة مقاعد اثنان منها للحركة الإسلامية، وقد توسع هذا التحالف سنة 1999 واستطاع الفوز بخمسة مقاعد[118].

ويرى الكيان الصهيوني في الحركة الإسلامية خطراً محتملاُ وقنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، وهو يتربص لأية أخطاء في نظره أو هفوات ليقوم بضرب الحركة والتضييق عليها. وتعمل الحركة من جهتها بحذر وضمن الدائرة التي يسمح بها القانون، وتحرص على ألا تعطي أي مبرر للصهاينة للاستعجال بضربها.

وحذرت جهات عديدة من ظاهرة نمو الاتجاه الإسلامي، وقالت صحيفة هآرتس في 13 يوليو/تموز 1979 إن هذه الظاهرة أصبحت مصدر قلق أكيد لكل يهودي، وأن السلطات الرسمية تنظر إليها بريبة وخوف. وعلق رئيس الوزراء إسحاق شامير على نتائج الانتخابات البلدية سنة 1989 قائلاً إن نهوض هذه الحركة، يُظهر أن هناك دورة للإرهاب مثيرة للقلق. وعلق بعض الخبراء والمعلقين مثل رفائيل إسرائيلي قائلاً:" إنهم يستغلون النظام والديمقراطية لمنفعتهم الخاصة، وهدفهم هو اجتياح المجتمع من الداخل، ثم في مرحلة ثانية أسلمة مجمل فلسطين والشرق الأوسط"، كما طالب بعضهم بإلغاء شرعيتها القانونية باعتبارها خارجة عن القانون ودعا للعمل على استئصالها[119].

الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة
(فلسطين المحتلة 1967)
ذكرنا أن ما تبقى من فلسطين تحت السيطرة العربية إثر حرب 1948 كان يساوي نحو 23% من أرضها، وقد انقسمت هذه الأرض إلى جزأين، الأول: يطلق عليه الضفة الغربية ومساحتها 5878 كم2 (21.77% من أرض فلسطين)، والثاني: قطاع غزة ومساحته 363كم2 (1.33%). وقد كان من المفترض أن تقوم دولة فلسطينية في هاتين المنطقتين وفق قرارات الجامعة العربية والأمم المتحدة. لكن الأردن قام بضم الضفة الغربية إليه سنة 1950، بينما قامت مصر بوضع قطاع غزة تحت إدارتها المباشرة دون أن تضمه رسمياً. وقد ظل الوضع كذلك إلى أن قامت القوات الصهيونية باحتلال الضفة والقطاع في يونيو/حزيران 1967.

قُدر عدد سكان الضفة الغربية سنة 1948 بحوالي 400 ألف نسمة، وبسبب تهجير الصهاينة للفلسطينيين في حرب 1948 فقد لجأ إلى الضفة نحو 280 ألفاً استقروا في 21 مخيماً للاجئين، كما توزع آخرون على مدن الضفة الغربية وقراها. ومن جهة أخرى فقد كان عدد سكان قطاع غزة حوالي 75 ألفاً، قبيل نكبة 1948، وإثر هذه النكبة أصبح سكان القطاع 200 ألف سنة 1949 وفي سنة 1950 حوالي 288 ألفاً، وقد استقر لاجئو الـ48 في 8 مخيمات في قطاع غزة فضلاً عن مدن القطاع وقراه، وشكلوا نحو 69% من سكانه، غير أن نسبتهم انخفضت بسبب هجرة الكثيرين للخارج، وفي 1967 كانت نسبة اللاجئين في القطاع حوالي 59% من سكانه[120].

ولم تكن الموارد الاقتصادية في الضفة والقطاع تتحمل هذا العدد المفاجئ من الزيادة السكانية كما لم تكن الأوضاع الاقتصادية للأردن ومصر تمكنهما من توفير بنية تحتية مناسبة تستطيع استيعاب طاقات الناس العاملة وإمكاناتهم. وقد عاش مئات الألوف من اللاجئين أوضاعاً بائسة، ومعاناة لا توصف، وسكنوا الخيام سنوات عديدة وسكن بعضهم الكهوف والمغائر، يجمع العشرة في الخيمة الواحدة حرارة الصيف وزمهرير الشتاء، فأمطاره وأوحاله وآلام التشرد وفقدان أسباب العمل والمعيشة.

ومع ذلك فقد رفض اللاجئون بعزة وإصرار خطط التوطين والاستقرار كافة في أي مكان، وظلت قلوبهم - ولمّا تزال - معلقة بعودتهم الكريمة إلى أرضهم المغتصبة. وعلى الرغم من قسوة الظروف فقد أظهر الفلسطينيون رغبة هائلة في التعلم والارتقاء الأكاديمي، وخلال سنوات كانت نسبة المتعلمين الفلسطينيين قد أصبحت هي الأفضل في الوطن العربي وتضاهي مستويات التعليم في البلدان الأوروبية.

وتحت ضغط هذه الأوضاع وحاجة بلدان الخليج للكوادر المتعلمة والأيدي العاملة مع ظهور النفط، والانتعاش الاقتصادي فيها، فقد انتقل الكثير من الفلسطينيين إلى هناك ليحسنوا من أوضاعهم ويسهموا في نمو تلك البلدان، دون أن ينسيهم ذلك العمل من أجل قضيتهم حيثما حطت رحالهم، ولذلك فإن أعداد السكان في الضفة وغزة في الخمسينيات والستينيات لا تعكس النمو الطبيعي للفلسطينيين بسبب هجرة عشرات الآلاف إلى شرق الأردن وبلدان الخليج.

وفي سنة 1966 (قبيل حرب 1967)، كان عدد الفلسطينيين في الضفة 830 ألفاً، وفي القطاع 455 ألفاً، وإثر الاحتلال الصهيوني للضفة والقطاع (يونيو/حزيران 1967)، كان عدد الفلسطينيين (حسب التعداد الذي أجراه الصهاينة) 665 ألفاً في الضفة (بينهم 66 ألفاً من سكان القدس الشرقية)، و354 ألفاً في القطاع. وهذا يعني أنه إذا ما روعيت الزيادة الطبيعية للسكان خلال عام (حوالي 40ألفاً)، فإن عدد الفلسطينيين الذين شردوا أو نزحوا عن الضفة والقطاع نتيجة حرب 1967 يبلغ أكثر من 300 ألف. وقد حرم هؤلاء من العودة إلى فلسطين، وانضموا مع إخوانهم الذين كانوا يعملون في الخليج أو الأردن وغيرها إلى أعداد اللاجئين الموجودين خارج فلسطين[121]، وتظهر الخريطتان التاليتان مخيمات اللاجئين في الضفة والقطاع.

وتحت الاحتلال الصهيوني عمدت السلطات إلى تنفيذ خطط ترمي إلى تفريغ الضفة والقطاع من السكان بشكل مبرمج ومتدرج من خلال وضع الناس تحت ظروف أمنية واقتصادية وحياتية لا تحتمل، وقد تبنت السياسات التالية لتحقيق أهدافها:
1. الإرهاب وبث روح الخوف و الفزع وسط السكان من خلال الحواجز العسكرية والمداهمات الليلية، والإعتقالات والتعذيب.

2. تضييق الخناق اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ونفسياً.

3. تعمد إذلال الناس وإهانتهم وتحقيرهم ونشر روح اليأس بينهم، واشتهر أن يطلب الجندي الصهيوني من الشخص من العامة في الشارع ربط حذاء الجندي أو تقليد صوت الحيوانات كالكلاب أو حتى أن يُقبِّل أحياناً دبر الحمار.. إلخ.

4. نشر الفساد والمخدرات بين الناس، وخصوصاً الشباب، وتيسير سبل الزنا والفجور والخلاعة.

5. مصادرة الأراضي الصالحة للزراعة، وحرمان الفلسطينيين من حقهم في الماء لري مزروعاتهم، وإغراق السوق بمنتجات زراعية وصناعية إسرائيلية رخيصة لضرب الاقتصاد الفلسطيني المحلي، لمنع الفلسطينيين من الإنتاج والاعتماد على النفس، وتحويلهم إلى شعب يعتمد على العمل الثانوي الهامشي الذي يوفره الصهاينة، بحيث تصبح حياة العامل الفلسطيني "تحت رحمة" القرار الصهيوني، ويكون أداة رخيصة لإنجاح المشروعات والمؤسسات الصهيونية.

6. بناء المستوطنات اليهودية، وإحضار عشرات الآلاف من المستوطنين وتسليحهم، وتقطيع أوصال الضفة والقطاع وتمزيقها

7. تبني سياسة التجهيل بمحاربة الجامعات الفلسطينية وإغلاقها، وتقليص فرص عمل الخريجين لتصبح الدراسة غير ذات جدوى عملية.

ولتنفيذ هذه السياسات أصدر الصهاينة الأمر العسكري رقم 2 في 7 يونيو 1967 والذي ركّز جميع السلطات بيد الحاكم العسكري. وجاء في مادة 3 أ منه "تناط كل سلطات الحكم والتشريع والتعيين والإدارة المتعلقة بالمنطقة أو سكانها، من الآن فصاعداً، بي وحدي شخصياً، أو بكل من أُعيِّنه لهذا الغرض، أو من يعمل بالنيابة عني". ولم يأبه الصهاينة بالقوانين الدولية التي تمنع إحداث تغييرات في المناطق المحتلة، ومضوا حثيثاً في سياسة التهويد[122]. وقد كتب مايكل آدامز مراسل صحيفة الجارديان البريطانية عن فلسطينيي الضفة والقطاع بأنهم "لم يتمتعوا منذ عام 1967 بأية حقوق، ولا بأية مؤسسات نيابية، ولا توجد سلطة يمكنهم الشكوى إليها، ولا توجد جهة تحميهم. وكل حركة وفعل لهم يخضع للسلطة التعسفية للحاكم العسكري الإسرائيلي. ومن الممكن احتجازهم وحبسهم وترحيلهم دون تدخُّلٍ من جانب أية محكمة، ويجوز تدمير بيوتهم وممتلكاتهم ومصادرة أراضيهم وحرق محاصيلهم الزراعية واقتلاع أشجارهم"[123].

إن هذه السياسات لم تنجح بشكل عام في إثناء الشعب عن المطالبة بحقه أو الثبات على أرضه، بل العكس فإن عشرين عاماً من المعاناة فد فجرت الانتفاضة الكبرى في الضفة والقطاع في ديسمبر/كانون أول 1987، لتبرز أحد أنبل ظواهر الصمود والمقاومة في التاريخ الحديث. ومع ذلك فقد حقق الصهاينة بعض النجاحات الجزئية، فقد خرج من الضفة والقطاع - طلباً للعلم أو الرزق أو الحياة الكريمة - نحو 220 ألف شخص خلال الفترة 1967 ـ 1985 معظمهم من الشباب. كما يضطر نحو 20 ألف شاب للمغادرة سنوياً للبحث عن عمل[124]. وتمكن الصهاينة من تجنيد مئات العملاء ممن أفسدوهم بالفجور والمخدرات، وظهرت أشكال من التسيب والفساد، خصوصاً في النصف الأول من السبعينيات، لكن ظهور الصحوة الإسلامية وانتشارها مكن من الوقوف في وجه هذه الظاهرة وحصرها، ثم ضربها خلال الانتفاضة.

وتشير الإحصاءات التي قامت بها دائرة الإحصاءات المركزية في السلطة الوطنية الفلسطينية إلى أن النتائج الأولية في 1997 لعدد السكان في الضفة الغربية (بما فيها القدس)، هو مليون و 870 ألفاً. وفي قطاع غزة مليون و 21 ألفاً. وحسب معدلات النمو الطبيعية فإن عدد سكان الضفة والقطاع سنة 2001 هو ثلاثة ملايين و371 ألف نسمة. وبسبب المعدل العالي للتزايد السكاني فإن المجتمع الفلسطيني في الضفة والقطاع يعد مجتمعاً فتياً، إذ أن نسبة الأطفال (دون 15 سنة)، 50% من مجموع السكان، وهذا على الرغم من أنه يفشل مشاريع التهجير والتفريغ الصهيونية، ويفسد عليها تقريباً تهويد الأرض المقدسة، إلا أنه يلقي أعباء اقتصادية كبيرة على كاهل معيلي الأسر الذين يعانون أصلاً من مصاعب جمة[125].

ويقدم الجدول التالي إحصائية تقريبية لأعداد السكان في الضفة والقطاع بناء على آخر إحصاء للسلطة الفلسطينية سنة 1997، مع إضافة نسبة النمو الطبيعي للسكان الفلسطينيين وهي بحدود 3.4% سنوياً، مع توقعات الأعداد حتى سنة 2005:[126]

كان من أوائل الإجراءات الصهيونية أن ضمت القدس الشرقية إلى كيانها، فأصبح أهل القدس رسمياً جزءاً من الكيان الصهيوني، كما تم توسيع منطقة القدس الجغرافية لتشمل نحو 20% من أرض الضفة الغربية. وقد تابعت السلطات الصهيونية وفق خطة استراتيجية مبرمجة الاستيلاء على أراضي الضفة والقطاع، بحيث تمكنت مع نهاية 1999 من السيطرة على نحو 62.7% من أراضي الضفة، و 43% من أراضي القطاع، وبَنَتْ في الضفة أكثر من 160 مستوطنة يسكنها نحو 200 ألف مستوطن يهودي، كما أنشأت في غزة 16 مستوطنة يسكنها نحو خمسة آلاف مستوطن. وقد هدفت هذه السياسات إلى التهويد التدريجي للأرض والسكان، والاستيلاء على كل المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية والأمنية لإحكام السيطرة العسكرية على الضفة والقطاع، وتطويق المدن والقرى الفلسطينية بأحزمة من المستوطنات، بحيث تتحول إلى جزر معزولة تفقد وحدتها وهويتها المشتركة، فضلاً عن تثبيت حقائق جديدة على الأرض يستحيل تغييرها في أي تسوية سياسية قادمة. وهكذا، ففي الوقت الذي كانت أعداد السكان في الضفة والقطاع تنمو وتتضاعف، وتتزايد حاجاتهم، كانت السلطات الصهيونية تنـزع منهم أراضيهم وأملاكهم لتضاعف معاناتهم وآلامهم.

ومن جهة أخرى، فقد سيطر الحاكم العسكري الصهيوني على جميع مصادر المياه في الضفة الغربية، ومنع حفر آبار جديدة، أو تعميق الآبار القديمة، وحدد سقفاً أعلى لحصص المياه للفلسطينيين، ففي عام 1990 مثلاً (وهو نموذج لغيره من السنوات)، خُصّص للفلسطينيين 17% فقط من المياه الجوفية في أرضهم في الضفة الغربية، بينما خصص 83% للاستخدام داخل الكيان الصهيوني أو في المستوطنات اليهودية في الضفة. ويمنع الفلسطينيون من أن تزيد أرضهم المروية بالماء عن 6% من أرضهم الزراعية، بينما يتمكن المستوطنون من ري 69% من الأراضي التي استولوا عليها. وبينما يخصص لكل فلسطيني نحو 127 متراً مكعباً في السنة، فإنه يخصص للمستوطن 1600 متراً مكعباً، أي أكثر من 12 ضعفاً.[127] وعلى الرغم من اتفاقات التسوية السلمية (أوسلو 1993)، ووجود السلطة الفلسطينية في عديد من مناطق الضفة والقطاع، إلا أن الصهاينة احتفظوا "بحقهم" في منع حفر أية آبار دون إذنهم، واعترف وزير الري الفلسطيني نبيل الشريف بأنه جلس ثلاث سنوات مع المفاوض الإسرائيلي لحفر بئر واحدة قرب جنين، ولم يستطع الحصول على تصريح منه بذلك!![128].

وهكذا أصبح من المستحيل على الفلسطينيين استثمار أراضيهم الزراعية تطويرها بشكل واسع، وفي الوقت نفسه أغرقت السلطات الصهيونية الأراضي الفلسطينية بمنتجات زراعية رخيصة، ومنعت الفلسطينيين من تصدير منتجاتهم، وفرضت على زراعتهم ضرائب باهظة، وبذلك أصبحت تكاليف الإنتاج الزراعي الفلسطيني عالية وغير مجدية اقتصادياً، وفتحت المؤسسات الصهيونية وخصوصاً قطاعات البناء المجال للعمال الفلسطينيين، فاضطر عشرات الآلاف إلى ترك الزراعة والعمل كأيد عاملة رخيصة في الاقتصاد الصهيوني.

ويعمل ما معدله 100 ـ 120 ألف عامل فلسطيني في الأرض المحتلة 1948 فيما يسمى "إسرائيل"، ويتقاضون رواتب تساوي ثلث إلى خمس ما يتقاضاه العامل اليهودي، إذا ما احتسبت المزايا التي يحصل عليها اليهودي. وكثيراً ما يغري السماسرة اليهود النساء والصغار بترك بيوتهم ومدارسهم للحصول على عمالة أرخص، مما يكون له آثار اجتماعية سلبية كبيرة. ويعمل معظم هؤلاء بالمياومة (راتب يومي)، ويمكن أن يطردوا من العمل في أي لحظة، وليس لهم أية ضمانات اجتماعية أو صحية، ويفقد هؤلاء وظائفهم إذا ما أغلقت الأراضي المحتلة عام 48، بذرائع أمنية أو بسبب العمليات الفدائية أو المناسبات الوطنية.. ، إلى أن تفتح لهم مرة أخرى. وهكذا استحوذ السوق "الإسرائيلي" على نحو 39% من الأيدي العاملة في الضفة والقطاع، وهذا جعل حياة الآلاف وخلفهم مئات الآلاف ممن يعيلونهم من زوجات وأبناء رهينة لدى الصهاينة.[129] وعلى الرغم من أن هذه النسبة قلّّت في أثناء الانتفاضة 1987 ـ 1993 إلى نحو 12.3%، إلا أنها عادت للزيادة مرة أخرى بعد اتفاقات أوسلو (1993). ومن جهة أخرى يعاني أبناء الضفة الغربية والقطاع من نسب بطالة عالية كان معدلها في معظم سنوات الاحتلال يزيد عن 20%، وفي سنة 1997 كانت نسبة البطالة 21.5% منها 18.2% في الضفة، و 31.6% في قطاع غزة، وحتى نهاية 1998 كان لا يزال يوجد 20% من الأسر في الضفة والقطاع تعيش تحت خط الفقر[130].

وظل الاحتلال الصهيوني يتحكم بالاقتصاد الفلسطيني حتى جعله هامشياً وتابعاً لاقتصاده، ولم تنفع اتفاقات التسوية السلمية كثيراً في فك هذا الحصار إذ لا تزال 90% من التجارة الخارجية تحت رغبات وشروط وقيود الصهاينة فضلاً عن أكثر من 80% من مصادر المياه، فهم يتحكمون بما يدخل للموانئ والمطارات والحدود وما يخرج منها.

منذ الاحتلال الصهيوني وضعت المؤسسات التعليمية تحت إدارة الحاكم العسكري، على الرغم من إبقاء نظام التعليم الأردني (في الضفة الغربية)، والمصري (في قطاع غزة) شكلاً. وصار من سلطات الحاكم العسكري تعيين المدرسين وفصلهم، ووضع المناهج واختيار الكتب المدرسية ووضع برامج جديدة أو إلغاء برامج قائمة وبناء مدارس جديدة. وتعرض قطاع إلى إهمال متعمد فلم يوظف أمين مكتبة ولا فني مختبر بدوام كامل منذ 1967، وألغيت مقررات التربية البدنية والفنون والتدبير المنـزلي في كثير من المدارس، وانخفض عدد المدارس الحكومية من 884 مدرسة 1967 إلى 790 مدرسة عام 1979، رغم التزايد الكبير في السكان. ووضعت قائمة كبيرة بالكتب الممنوعة وصل عددها سنة 1986 إلى 1600 كتاب ، خصوصاً ما يشير إلى تاريخ فلسطين أو الثقافة الفلسطينية، كما منع تدريس عدد من كتب المناهج المقررة في المدارس، فمثلاً منع استخدام تسعة كتب من 27 كتاباً في المرحلة الابتدائية وثمانية كتب من أصل عشرين للمرحلة الإعدادية في مدارس الأونروا. وأعطي الأمر العسكري رقم 854 الصادر في 6 يوليو/تموز 1980 للضابط الصهيوني حق التدخل في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، سواء في مناهجها أو إدارة جهازها التعليمي، فأصبحت من ناحية الإشراف والمراقبة العسكرية لا فرق بينها وبين المدارس الابتدائية[131].

ومن الملاحظ أن كل الإجراءات الصهيونية لم تثن أبناء فلسطين عن شغفهم بالدراسة والتعليم وقد أدى إلى إصرارهم على التعلم وما رافقه من نضال سياسي وجهادي وإضرابات ومظاهرات إلى استمرار العملية التعليمية، بل ونموها رغماً عن الاحتلال. فبلغ عدد المدارس الحكومية 1175 والأونروا 265 والخاصة171 للعام الدراسي 97/1998، فضلاً عن 789 روضة أطفال. كما تمكن الفلسطينيون في الضفة والقطاع من إنشاء ثمانية جامعات (6 في الضفة و2 في القطاع)، يدرس فيها في العام الدراسي 92/1993 نحو 20500 طالب، وقد عانت هذه الجامعات من أوامر الإغلاق، فاغلقت جامعة بير زيت مثلاً خمسة أشهر سنة 1982، وأغلقت جامعة النجاح أربعة أشهر سنة 1983، وأربعة أشهر أخرى سنة 1984، وشهرين سنة 1985، وتزايدت الإغلاقات في فترة الانتفاضة بشكل كبير. كما استمر التضييق على الطلاب والأساتذة واعتقالهم والمراقبة الصارمة على الميزانية ومصادر التمويل، وعدم السماح للكفاءات الأكاديمية في الخارج بالتدريس فيها إلا وفق قيود تجعل الأمر شبه مستحيل، وفي سنة 1985 رفضت السلطات الصهيونية السماح باستمرار 39 أستاذاً جامعياً فلسطينياً في الجامعة الإسلامية بغزة، بحجة أنهم من فلسطيني الخارج، مما أدى إلى طردهم وإبعادهم، ومن بينهم مدير الجامعة بالإنابة د. محمد صيام. فضلاً عن هذه الجامعات كان هناك 16 كلية جامعية متوسطة (كليات مجتمع)، بينها 14 في الضفة الغربية، واثنتان في القطاع[132].

كما تعرضت قطاعات الصحة للإهمال تحت الاحتلال الصهيوني، فرغم تضاعف عدد السكان، انخفضت المستشفيات الحكومية من14 مستشفى سنة 1967 إلى 10 مستشفيات سنة 1993، وبلغت الميزانية المقررة للخدمات الصحية أقل من 2% من ميزانية الخدمات الصحية في الكيان الصهيوني، وكان على هذه الميزانية أن تتضاعف 15 مرة حتى تصل بالخدمات الصحية إلى أدنى مستوى مقبول. وقد كانت ميزانية القطاع الصحي سنة 1990 في الضفة الغربية 10 ملايين دولار، وهو يوازي 15% من ميزانية أحد مستشفيات تل أبيب[133].

وقد تعمدت سلطات الحكم العسكري الصهيوني عدم إحداث أي تطور في المعدات والأجهزة الطبية أو التدريب وإدخال الكفاءات، ووصفت مصادر منظمة الصحة العالمية التجهيزات الموجودة بأنها لا تصلح للتشخيص الحديث، ولا يمكن أن يقال فيها أكثر من أنها أثرية[134].
وقد حدث بعض التحسن في الخدمات الصحية إثر تولي السلطة الفلسطينية الحكم الذاتي في عدد من مناطق الضفة والقطاع.

...يتبع الجزء 4

موسى حسين عوض
موسى حسين عوض
Admin
Admin

الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 311
تاريخ التسجيل : 24/12/2011
العمر : 58
الموقع : allawad.jordanforum.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى