الليل والصمت الطويل

الليل
والصمت الطويل
في الليل يعود الصمت إليَّ …… يعود إليّ اكثرُ فأكثر
يتغلغلُ بداخلي ولا أحتمله
حيث لا رفاقٌ ولا أصدقاء فقط (الوحدة)
فلا يملُ جسدي من الاحتمال .
أُغطي نفسي …وجسدي …وأُخفي وجهي بالمخدة … ورغم ذالك
كنتُ أرى الليل بكل تفاصيله أشدَّ وضوحاً من النهار
أحاول أن أنسى كل شيء . وتأنسُ نفسي إلى الصمت ولكن كل شيء يستيقظ… فيحيل ذلك الصمت إلى ضوضاء مفزعة عالية
توقظني وتوقظ الموال في القيثار …
وتوقظ ما وراء الكواليس .
افتحُ عيناي أُحدقُ في ظلمة الليل وظلمة غرفتي … أُحاول اختراق ظُلمتها أُحاول
فيخرجُ لي وجهُكِ يا حبيبتي صافياً كنبع ماء رقراق.
أُحاول تجاهلك إهمالك نسيانك.
ولكن تعودين إلَيَّ كنقطة ماء حائرة على شفتيَّ وتستقري في جوفي .
تعودي إليَّ….فأكتُمُ حزني
وتحومي حولي
فوق الجدران
وعلى الرمال
وأوراق الأشجار .
إني محتاجً حقاً إليكِ (حبيبتي …. لتحكي لي قصصاً كالأطفال وتمسحُ على جبيني… وتظلُ بقربي حتى لا أَظلَ وحيداً .
ولكن أين هي الآن
لا أري سوى خيالاتهُا الجميلة المرتسمة في سقف غُرفتي .
فأرى وجهاً طفولياً أعشقه ,
ألمحُ عينين بريئتين فأتمنى أن أسكُنَ داخلهُما
صرتُ منذُ غيابكِ عني حبيبتي أَهيمُ على وجهي ساعاتٍ وساعات .
في كل الشوارعِ والميادين وفي الأَزِقةِ ؟
أَبحثُ عن طيفَكِ المرتسمُ على كُل الحيطان .
فلا يُجاوبني غير الأحزان والصمتُ الطويلُ في كُلِ مكان .
فأعودُ إلى غرفتي…أُفرِغُ مزيجاً من الأحزان والانفعالات.
أبحَثُ في الأدراج … والأوراق… وأُبعثِرُ ورقةً على سريري .
فأرى ملامحَ امرأة كانت في قلبي يوماً ولا زالت .
كأحلى وردةٍ نبتت في صحرائي… وطيفاً في ظلِّ أحلامي .
أُناجيها وأستنطقُها أن تحدثي قولي أيَّ شئ فلا تقفي هكذا فصمتُكِ يزيدُ حُزني
ذاكَ الشتاءُ الباردِ جدا عندكِ .
صِرتُ أخشى عليكِ منةُ.
أخشى أن تبتلِعَ ثلوجهُ البيضاءُ جسدكِ .
وتبقين وحدكِ تنسجين أحزان يومُكِ وتُغنين أُغنيةَ الفُراق.
يا أجمل وردةٍ نمتْ في داخلي أَسقيها بماء حُبي وارويها حتى الثُمالة.
ويا ورقةً أُدونُ عليها قصائدي وأشعاري
فتغدو قصائدي باباً أدخُلُ منها إلى مملكةِ قلبك .وأقول لكِ إني أُحِبُك .
لا أدري فأنا الآن بلا إسمٍ ولا عنوان .
وبِلا منزلٍ ولا أوطان .
الليلة
الليلةُ سأروي قِصِّتي التي لا أدري ما أُسميها .إسمعيها وأنصتي إليها.فأنا أحتاجُلك حبيبتي تنقُشُ على جُدرانِ قلبي بِحُبِهآ…كلمةً لا حدودَ لها.وتمحي عني غربتي وغُربةِ أ أيام قادمة .وتفرشُ أوراقها على جسدي. تُغطيني تُدْفيني وتمسح بأناملها على ملامحي وعلى عيناي .أحتاجُ إليكِ (حبيبتي) تُعانقني ليلاً فاُخفي وجهي في صدرها وأبوحُ لها بأسراري وأُسافرُ في عِتمَةِ شعرِها. حبيبتي
هذهِ قصتي فاكتُبيها على كُلِّ الجُدران في الأزقةِ الضيِّقة وفي الحارات وفي قصص الأطفال وفي عيون العصافير .إحكي لهم عن حبيبٍ كان يوماً ذو قلبٍ وجسدْ .والآن نصفُ إنسـان. أُكتبي
قصتي بالطباشيرِ على الألواح .وعلى الغبار.وعلى دموع الصغار .وعلى الأرصفة والأشجار وعلى خطوط الظلال .فأنا لم يبقَ عندي سِوى حُبُكِ على أوراقي وفي قلبي وفي شعري لقد رحلت عني كُلِ الأشياء الجميلةِ إلى نفسي . بما فيها أنتِ . وأظلُ وحدي في صمتي والليل ا لطويل .
وأظلُ
أنقُشُ إسمُكِ وحُبُكِ والذكريات والشَعرِ الطويل. أما دفاتري وأشعاري والمستحيل .فهي الوحيدة التي تُصاحبُني وتُسليني والليلُ والصمت الطويل. هذه قصتي التي لستُ أدري ما أسميها(..........)
الكاتب والقاص نعيم عوض 25/2 /1425هـ الخميس، 15 نيسان، 2004م

وطني